جاري التحميل
جاري التحميل
شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوقًا في درجات الحرارة، حيث وصلت درجة الحرارة جنوب المغرب وتحديدًا في مدينة (أگادير) في الصيف الأخير إلى (50.4 مئوية)، ووصفت بأنها الأعلى في المملكة على الإطلاق.
وبحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية فإن موجات الحر التي تشهدها المغرب تُعزى إلى الكُتل الهوائية الحارة والجافة التي تصعد من الصحراء الكبرى، مما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة.
ويُعد من المغرب من أكثر دول شمال أفريقيا تأثرًا بتغير المناخ، الأمر الذي يستدعي اتخاذ الدولة للعديد من الإجراءات للتعامل معه، إذ لا تقتصر المشكلة على موجات الحر الشديدة خلال الصيف، بل تمتد إلى ما تشهده الدولة خلال الشتاء من ضعف شديد في تساقط الأمطار، إذ تُشير التقارير الرسمية إلى أن الأمطار المُسجلة خلال عامي (2018-2023) تشهد تراجعًا كبيرًا.
ويرتبط ارتفاع درجات الحرارة في المغرب بارتفاع نسبة الغازات الدفيئة في الهواء بسبب الأنشطة البشرية والصناعية وارتفاع نسب التمدّن وغيرها من العوامل التي تساهم في اختفاء المؤشرات التي كانت تُخزن الغازات الدفيئة وثاني أكسيد الكربون في المجال الطبيعي، وظهور نسبة كبيرة منها في الهواء.
وعلى الرغم من أن تغير المناخ يُعد ظاهرة عالمية، إلا أن إشكالاته وتبعاته المتفاوتة على الصعيد الإقليمي والمحلّي تستوجب الانتباه. وتُعد منطقة شمال أفريقيا من المناطق المُعرضة بشدة لتبعات تغير المناخ، إذ تشير التوقعات بأنها ستشهد ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة يتجاوز المتوسط العالمي، إلى جانب المزيد من الانخفاض في كميّات تساقط الأمطار.
وقد تراجعت الحصة السنوية للفرد من الماء في المغرب، وأصبحت تُقدَّر حالياً بـ(620 متراً مكعباً) في السنة، ويتوقع أن تنخفض إلى (560 متراً مكعباً) بحلول عام (2030)، وبذلك يقترب المغرب من الحد الأعلى لندرة المياه وفق معدل منظمة الأمم المتحدة الذي يبلغ (ـ 500 متر مكعب للفرد).
كما تساهم التغيرات المناخية في تعريض الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي لضغوطات قوية، ولكن التقرير العام الصادر عن (اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي) لا يحمّل تغير المناخ وحده مسؤولية هذه التدهورات البيئية التي تشهدها الدولة، بل يُشير إلى أن السياسات العامة والاستراتيجيات القطاعية التي لا تأخذ بعين الاعتبار ضرورة استدامة الموارد والتوازن البيئي تُعد شريكًا في المعضلات البيئية والمناخية التي تشهدها المغرب اليوم.
وتُشير التقارير إلى أن المغرب من الدول التي ستواجه العديد من التغيرات المناخية الحادة، مما يجعلنا نطرح تساؤلًا عما إذا كانت المغرب سيظل يشهد (أربع) فصول بالفعل؟ خاصة بعد أن أصبح مناخه يتسم بشكل رئيسي بكونه صيفيًا حارًا جافًا، مع شتاء معتدل على الشريط الساحلي.
ونظرًا للوضع المناخي الحالي وتأثيره على الموارد الطبيعية، اتخذ المغرب عدة إجراءات لتعزيز الحوكمة المناخية وتعزيز القدرة على التخفيف من آثار تقلبات المناخ، فوضع استراتيجيات تنموية مستدامة تعتمد على الطاقة النظيفة، وسعى إلى جذب التمويلات الأجنبية وتبني التكنولوجيات التي تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية الأمر الذي يتوافق مع الجهود الدولية.
ولكن ومع ذلك، يتمثل التحدي الرئيسي أمام الدولة في ضمان وجود تنسيق فعّال بين الجهات والهيئات المغربية المعنية بالتكيف مع التغيرات المناخية.